#
حضور ثقافي ساطع في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ

حضور ثقافي ساطع في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ

تتجه الأنظار إلى مدينة شرم الشيخ، التي تحتضن اعتبارا من اليوم “السبت”، منتدى شباب العالم، وسط حضور ثقافي ساطع واهتمام كبير بقضايا الإبداع، وتحفيز قدرات الشباب على الابتكار، بما يشكل انتصارا جديدا “لثقافة الإبداع والابتكار والانفتاح الفكري والتنوع” على قاعدة “الأمل والعمل”.

ووفقا لما ذكره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء على صفحته الرسمية بموقع “فيس بوك” للتواصل الاجتماعي، فإن “محور الحضارات والثقافات”، سيكون ضمن المحاور المهمة التي تتعرض لقضايا تهم الشباب حول العالم.

ويتضمن هذا المحور موضوعات وقضايا تتعلق بالفنون والآداب والهوية الثقافية وكيفية تكامل الحضارات والثقافات والاستفادة من تنوعها واختلافها وكيف تصلح الآداب والفنون ماتفسده الصراعات والحروب، كما يتضمن مناقشة البعد الثقافي للعولمة، وأثره على الهوية الثقافية للشباب.

كما تتضمن محاور منتدى شباب العالم : التنمية المستدامة والتكنولوجيا وريادة الأعمال وصناعة قادة المستقبل ونموذج لمحاكاة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة فضلا عن قضايا الإرهاب والهجرة غير المنظمة واللاجئين.

وحتى على مستوى الرمز والشعار بدا الحضور الثقافي ساطعا في منتدى شباب العالم حيث تلقى الشباب الدعوات للحضور والمشاركة تحت شعار :”لابد ان نتحدث” بينما جاء تصميم الشعار من خلال “المثلث والمربع والدائرة” معبرا عن الحضارة المصرية العريقة والحوار بين ثقافات العالم والشباب أو قادة المستقبل.

ويحظى هذا المنتدى الدولي الشبابي الذي يستمر أسبوعا باهتمام كبير من الجماعة الثقافية المصرية كحدث عالمي تتجلى فيه ثقافات متعددة ومتنوعة ومن ثم يتيح إمكانية ايجابية للحوار بين الثقافات وتشارك فيه شخصيات مهمة من دول العالم كما تناقش فيه قضايا موضع اهتمام ثقافي أصيل بمشاركة شباب يمثلون أكثر من 100 دولة.

وفيما يصل عدد المدعوين لمنتدى شباب العالم لنحو ثلاثة آلاف مدعو كان محافظ جنوب سيناء خالد فودة قد صرح بأن حفلات غنائية شعبية ستقدم للضيوف ضمن البرنامج الترفيهي للوفود المشاركة في المنتدى في مدينة شرم الشيخ التي تتمتع بمقاصد سياحية خلابة.

وفي طروحات لمثقفين وتعليقات في الصحف ووسائل الإعلام، ثمة اتفاق عام على أن هذا المنتدى الدولي الذي يعقد برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي يعبر عن الاحتفاء بتعظيم الإبداع بقدر ما يشكل فرصة لإظهار الحقائق في الحياة المصرية بعيدا عن ممارسات التشويه والأكاذيب التي تبثها أطراف داعمة للإرهاب ومعادية لشعب مصر.

واتفق المعلقون على أن المنتدى يشكل نقلة نوعية جديدة في الاهتمامات المصرية الأصيلة بقضايا الشباب والتنمية الحضارية بقدر ما ينطوي على فرصة للتواصل بين شباب مصر وأقرانهم من الشباب حول العالم وبناء قواسم مشتركة في عالم يشكل فيه الشباب النسبة الأكبر.

ومصر “دولة شابة” لأن نسبة تصل إلى نحو 60 في المائة من سكانها من الشباب وهم بإبداعهم في كل المجالات يشكلون أجنحة هذا الوطن لصنع المستقبل والغد الأفضل بقدر ما يمثلون “صوت الأمل وقوة مناوئة بطبيعتها الشابة لشيخوخة الخيال”.

وفيما يدخل موضوع صناعة قادة المستقبل ضمن محاور النقاش في منتدى شباب العالم، نوه معلقون بأن “الأكاديمية الوطنية للشباب” تقدم نموذجا مصريا مضيئا بين النماذج الدولية لصناعة قادة المستقبل .

وإذ تهدف “الأكاديمية الوطنية للشباب” لتحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بجميع قطاعات الدولة والارتقاء بقدرات ومهارات الشباب وتزويدهم بالمعارف الرفيعة المستوى فان أهدافها تتضمن أيضا نشر الوعي الثقافي وتشجيع الفن والإبداع والارتقاء بالفكر والذوق العام.

ولن يغيب عن الأذهان مغزى اكتساب “ثقافة الابتكار” في مصر دعما لافتا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مهام مسئوليته الوطنية فيما توج عام 2014 بمبادرة قومية أطلقها الرئيس تشجع ثقافة الابتكار وسط ترحيب الجماعة الثقافية المصرية بهذه المبادرة التي أطلقها رئيس مصر في عيد العلم تحت عنوان “نحو بناء مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر”.

وإذ عبرت هذه المبادرة القومية التي أطلقها الرئيس السيسي في خاتمة عام 2014 عن إدراك عميق لأهمية ثقافة الابتكار وتوجيه أولويات الدولة نحو بناء الإنسان هاهي تلك الثقافة الايجابية والبناءة اكتسبت المزيد من الزخم مع انعقاد المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عقد في شهر أكتوبر عام 2016 بمدينة شرم الشيخ تحت شعار “ابدع..انطلق”.

والأمر متصل “بثقافة الأمل والعمل ” التي جاءت في المبادرة التي طرحها الرئيس السيسي في كلمته بالدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر عام 2015 تحت شعار “الأمل والعمل من اجل غاية جديدة” والتي حظيت باهتمام عالمي كبير بقدر ما شكلت إسهاما ثقافيا مصريا أصيلا ومبدعا يعبر عن الرسالة الحضارية لمصر الخالدة.

ومفاهيم “مبادرة الأمل والعمل” تشكل من المنظور الثقافي مشروعا بناء ومتكاملا تقدمه مصر للعالم لمواجهة تهديدات الارهاب للعالم قاطبة بأفكار جديدة وتستهدف حماية الشباب من أفكار التطرف وحشد قدراتهم وتوظيف امكاناتهم من أجل بناء المستقبل اللائق بهم.

وكما أوضح رئيس مصر من منبر الأمم المتحدة، فإن هذه المبادرة يد تمدها مصر كأحد أوجه مساهمتها في التغلب على قوى التطرف عبر العمل الايجابي وطرح البدائل العملية ومنح الأمل للشباب واستثمار طاقاتهم في الجوانب المفيدة بل وبث الأمل في المستقبل للجميع .

كما عبرت مبادرة “الأمل والعمل” عن إدراك لاريب فيه لتحديات جسيمة مثل خطر الارهاب بما تتطلبه من “لغة جديدة” و”ابداعات ثقافية استراتيجية” و”أدوات مختلفة عن السائد والتقليدي من أساليب الماضي وصولا لصياغة استجابة فاعلة “لمخاطر أصحاب الرايات السوداء والمجازر الشنعاء” فيما يستعد شباب العالم لطرح أفكارهم حول سبل محاربة الارهاب في المنتدى الدولي الذي يبدأ اليوم بشرم الشيخ.

وإذا كان الشباب هم الطرف الرئيس في صناعة المستقبل فإنهم بخيالهم الجديد وروحهم المتقدة بمقدورهم إضفاء المزيد من الحيوية على الثقافة المصرية ومواجهة روح السلبية والجمود والنسق المغلق والزمن المتثاقل لصالح روح المبادرة والابداع والتفكير الخلاق في الزمن الفائق السرعة والثورة الرقمية والنسق المفتوح وتعددية الرؤى والأفكار.

كما أنهم طرف رئيس في عملية بناء “الدولة التنموية” تجسدها السياسات والمشاريع التنموية مثل مشروع قناة السويس الجديدة وإصلاح مليون ونصف المليون فدان، وهي الدولة التي تستلهم روح ثورة 30 يونيو 2013 لتركز على التنمية القومية باعتبارها مهمتها الرئيسية واداتها في رفع مستوى حياة ملايين المصريين.

ومع الحضور الواضح لقضايا التنمية الحضارية في منتدى شباب العالم فإن مفاهيم “الدولة التنموية” استحوذت على اهتمام مثقفين مصريين بارزين مثل المفكر الراحل السيد يسين، الذي رأى أن هذه الدولة هي “دولة المشاركة الجماهيرية في مجال التنمية القومية” وهي تسعى لتحقيق تنمية متسارعة ومستدامة واللحاق بالدوائر الأكثر تطورا في عالمنا.

وقضايا الشباب كانت حاضرة دوما في كتابات الأديب النوبلي المصري الراحل نجيب محفوظ ضمن اهتمامه الأصيل “بغد افضل للمصريين” وهو ما قد يتبدى بوضوح في كتاب أعده الناقد والكاتب فتحي العشري بعنوان : “نجيب محفوظ..حول الشباب والحرية”.

وفي هذا الكتاب، رأى نجيب محفوظ أن الالتزام بالدقة والأمانة والمصلحة العامة هو معقد الرجاء لابداع الحضارة، لافتا لأهمية القدوة لتحقيق الانضباط والاستقامة والانجاز كما شدد على خطورة “الاهمال او الخمول والتواكل وما يعرف بالتسيب”.ويمضي هذا الأب الثقافي المصري العظيم ليقول إن “الانضباط الحقيقي نبض في السلوك والقلوب قبل أن يكون مادة في قانون بل نحن لا نسن له القوانين إلا كإجراء عاجل لا مفر منه” في المعركة ضد التسيب، أما الهدف الأخير منه فهو أن يصير “عادة سلوكية وقيمة ينبض بها الضمير الحي”.

كما أكد نجيب محفوظ ، أن “في صميم طبيعتنا ما يؤهلنا لمواجهة العصر بجميع تحدياته” مستشهدا بما تحقق من نصر في حرب السادس من أكتوبر المجيدة ومضيفا :”نحن شعب لاتنقصه في صميمه الصلابة والقوة ولا تعز عليه التضحية في سبيل المجموع والقيم” . معتبرا أن “التنمية الشاملة ما هي الا تسمية جديدة لما عرف في التاريخ بالنهضة الشاملة وخاصة اذا ركزت على الأسس والأصول لا المسكنات الوقتية وهي تستهدف تحقيق مثل اعلى للمجتمع “.

وبقدر ما حمل الهتاف الخالد :”تحيا مصر” في ثورة 30 يونيو منذ اكثر من اربعة اعوام رسالة امل في الثقافة السياسية المصرية ورفض الشعب المصري للفاشية المتسترة بشعارات دينية والاستسلام للتدهور العام ولقوى الهيمنة ومخططات تزييف الوعي والتاريخ، فان هناك نجاحات توالت على أرض الواقع لكل من يقرأ المشهد المصري بتجرد وموضوعية وكما سيقرأها ضيوف مصر في منتدى شباب العالم الذي يبدأ اليوم بأرض السلام او مدينة شرم الشيخ .

كما أن مناقشة قضايا الهوية الثقافية ضمن محاور منتدى شباب العالم الذي يبدأ اليوم تؤشر إلى حقيقة ان المنتديات والمؤتمرات الشبابية التي تحتضنها مصر باتت تشكل فرصة ثمينة لتناول قضايا ثقافية تهم العالم ككل مثل قضايا الهوية ويتسق ذلك كله مع الدعوة المصرية النبيلة “لإطلاق طاقات الإبداع والخيال وتحديث الفكر من اجل مواجهة التحديات التي لن تجدي معها الحلول التقليدية”.

ومنتدى شباب العالم الذي يمثل حدثا دوليا مهما في عام 2017 يشهد أيضا على مدى الاهتمام المصري الكبير والممنهج بقضايا الشباب.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أعلن أن عام 2016 هو “عام الشباب”، مؤكدا أهمية الحوار مع الأجيال الجديدة بينما يأتي هذا المنتدى الدولي في عام 2017 ليجسد مفردات في الخطاب الرئاسي المصري تشدد على أنه “لاتقدم للأمام بدون الشباب ولا نهضة حقيقية سوى بسواعدهم ولا دخول إلى عالم المستقبل سوى بعقولهم”.

ورأى الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة، أن هذه المؤتمرات والمنتديات الشبابية تبرهن على أن الدولة حريصة على مد الجسور مع الأجيال الجديدة، موضحا أن الأزمة الثقافية تتجسد في “فكر متخلف ورؤى ضيقة”.

وشدد جويدة على أهمية تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي روجتها جماعات خلطت الدين بالسياسة “وأن يدرك الشباب أنهم ابناء وطن قام على الحب والتسامح وان الوطن يتسع لنا جميعا بقدر ما نشارك في بنائه ورفعته”.

ويعيد طرح هذا المثقف المصري الكبير للأذهان طروحات ثقافية عديدة تؤكد أهمية المكون الثقافي لمؤسسات بناء الوعي في المجتمع المصري والاهتمام بالدور التنويري للمؤسسات الثقافية في مواجهة جهات تبث معلومات مشوهة او مواد مغلوطة تستهدف الشباب على وجه الخصوص في سياق مايعرف “بالتضليل الاعلامي والتلاعب بالعقول وتزييف الوعي”.

والاهتمام المصري بقضايا الشباب يضيء المشهد الثقافي العالمي الذي يولي الكثير من الاهتمام لقضايا وهموم الشباب ومن بينها مثلا تراجع إقبال الشباب في الغرب على المشاركة في الانتخابات، فضلا عما يعرف “بأزمة المشاعر” خاصة في مراحل التحولات وما بعد الثورات والأحداث المفصلية في مسيرة أي مجتمع.

ومن يطالع الصحف البريطانية سيجد حالة اهتمام مشوب بقلق حيال “ظاهرة العزوف الانتخابي للشباب” فيما كانت صحيفة “الجارديان” قد اعتبرت ان هذه الظاهرة بحاجة للمواجهة عبر “التثقيف والتعليم السياسي بسبل غير تقليدية”، لافتة إلى أن الشباب والنشء هم من يتأثرون اكثر من غيرهم بقرارات تتخذ عبر صناديق الانتخابات والتصويت في استفتاءات مثل الاستفتاء الذي اجري في منتصف العام الماضي واسفر عن قرار بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ومن ثم فقد بدأت مراجعات ثقافية-سياسية عميقة للتعرف على جذور واسباب هذه الظاهرة وتساؤلات حول دور الأحزاب وضعف كوادرها وتغير الولاءات وانعكاسات الثقافة الرقمية، ناهيك عن مدى كفاءة “مؤسسات بناء الوعي” وقدرتها على التكيف مع المتغيرات العميقة في الواقع واوجه الحياة اليومية.

واذا كان بعض المثقفين في أوروبا يطالبون بتبني الشعار العقلانى فى المرحلة الأوروبية الراهنة:”دعم النمو” بكل السبل فان “الدولة التنموية المصرية” تقدم المثل والأمثولة لترجمة هذا الشعار في الواقع من اجل مستقبل افضل لأجيال شابة وصاعدة..واذ نرحب بكل شباب العالم على ارض الكنانة، فبالأمل كله نتطلع لشبابنا وهم يقدمون إبداعات من نبض وطن شيمته المجد.

2017-11-04